هناك أفكار مدببة نحس ببروزها وحضورها وتضاريسها ..هى صادمة ومُقلقة , نحاول حثيثا ً أن نصرفها أو نهملها لخوفنا من ثورة شك وألم لا يمكن إحتماله تزعزع إستقرار وأمان ننشده .. نريد أن ندفنها كما دفناها فى المهد أو كما علمونا كيف ندفنها .. كثيراً ما نحاول عبور أفكارنا المدببة آثرين السلامة ولكنها ترفض أن تعبر دون أن تترك أثرا ً وحراكا ً أو نزيفا ً فهى مدببة .
* موت وليد ابن يوم واحد أو عدة أيام سيقوض المنظومة الإلهية ويصيبها بالإرتباك والتخبط ! ..فما ذنبه لعدم منحه فرصة الحياة ؟!.. ولماذا ولادته ثم موته فى نفس اليوم؟! .. ومامعنى تسجيله فى سجلات الحياة ومغادرتها سريعا ؟!.. وما مغزى وحكمة موته أهى تجربة قاسية لذويه بالصبر أم لعنة وألم , أم منح البؤساء الأغبياء فرحة أن أولادهم فى أحضانهم .!
ما موقف الوليد فى العالم الآخر وما مصيره ؟! .. هل فى الجنه أم الجحيم أم خارج الحدود ؟! ..أى مكان سيتواجد فيه هذا الصغير سيطيح بمنظومة العدل والرحمة والحكمة وسيجعل الارتباك والعبثية حاضرة .
* الله سيكافأ الأبرار والمؤمنين وسيحرق الأشرار والكفار إلى المالانهاية من الزمن .. لنسأل ماذا يفيده أو يضره من أن يُكافئ أو ينتقم ..إذا كان يستفيد أو يضار فهو هنا واقع تحت الغاية .. ولكن الله فرضا ً غنى وعظيم ولن يزيد كماله أو ينتقصه أعمال طيبة أو شريرة - إيمان أو لا إيمان فهو غنى وغير محتاج ..الفكرة من بشريتها تترنح فى دوائر العبث .
* إذا كان الإنسان به روح لأنه كائن حى فعلينا قبول أن البكتريا والصراصير والبراغيث بها روح , ولكننا نرفض أن تكون هذه الكائنات بها روح تم نفخها مثلنا , فنحن ندعسها بأقدامنا بلا شفقة .. فهل هذا يثبت أن العمليات الحيوية لا علاقة بما يسمى الروح أو يؤكد اننا بوعينا وغرورنا ووجودنا المفارق للطبيعة خلقنا فكرة الروح حتى لا نتساوى مع الصرصار والبرغوت .
* الله يمنحك حرية الإختيار فأنت حر.. لكن لو فعلت ما لا يريده فسيشويك فى الجحيم إلى الأبد!!..لنسأل ماقيمة الحرية إذا كانت ممارستها ستجلب المصائب والألم؟! ..وأليس من أبجديات الحرية والإختيار أن أوقع على شروط العقد , أن أختار من البدء أن أخوض هذه التجربة والمقامرة أم لا ؟
عذرا ً أن لا أريد أن أدخل المدرسة ولا أريد الإمتحان ولا أحب المقامرة فى صفقات الخسارة فيها واردة بشدة .. حريتى تقول أنى أريد العدم .. إتركونى وشأنى .
* يقول قائل إذن فلنترك المجرمين أحرار بلا عقاب ... نحن نعاقب المجرمين لأنهم يؤذوننا .. فهل نحن نؤذى الله أو يتأذى منا .
إذا كان الله يتأذى فقد وقع تحت الحاجة وأصبح غير كامل أو غنى ليتأثر بأفعالنا فلا يصبح هنا إله ... وإذا كان لا يتأذى ولا يعنيه الأمر فى شئ فهو كامل حقا ً ولكن هنا ستصبح الفكرة شديدة العبثية واللامعنى .
* ما جدوى وجود الله بالنسبة للإنسان فى حياته على الأرض .. فالمرض والصحة والرزق والغنى والألم والسعادة هو من نصيب كل البشر سواء مؤمنين به أو ناكرين لوجوده .. إذن لا توجد ميزة تفاضلية للإيمان بالله .!
هل الإيمان بالعالم الآخر السرابى هو الذى يخلق للإيمان معنى وقيمة وتمايز .. ولكن عذرا ً هذا الأمر غير مُحقق وماثل أمامنا .
* عبثية الإمتحانات
لك أن تتصور هذا الإختبار
- زمن الإمتحان عشوائى فالبعض يأخذ حظه فى الإجابة والبعض تُسحب منه ورقة الإجابة قبل أن يجاوب أو يجلس على كرسيه .
- معظم الطلبة يذاكرون ليجدوا فى النهاية انهم كانوا يستذكرون دروسهم خارج المنهج المقرر دون أن يعلموا أن مناهجهم ملغية .
- بعض الطلبة توفرت لهم فرص جيدة للمذاكرة والإستيعاب فى غرف نظيفة مكيفة والغالبية ذاكروا فى إسطبل للخيول .
- بعض الطلبة يقدمون شهادات صحية بالإعاقة فتشفع لهم ويحصلون على النجاح .
* لو جاءت لنا رسالة من الله سطرت نفسها على صفحة السماء " أعزائى البشر أنا خلقت الوجود وهى حياة واحدة ستعيشونها فلست مستعد لضيافة أحد عندى ..فلتعيشوا الحياة وتعبدوننى "
هل لو وصلتنا تلك الرسالة فهل سنجد أحدا ً يرتاد المعابد ويمارس الصلوات والطقوس ويعبده .؟!
* الفكر الدينى فكر قاسى ومغرور يغرز فى الإنسان الشعور بالقسوة ويغرقه فى الغباء والبلادة ..فهل الإنسان المتخلف عقليا ً هو إختبار لصبر ذويه على الصبر !..أم عقاب إلهى على خطايا الأب والأم !..أم منح الأسوياء الشعور الغبى بالنعمة والرضا من الإله الذى خلقهم أصحاء أسوياء !..لا مجال للمتخلف عقليا ً من الإعراب فهو فأر تجارب جاء لتصدير رسالات غبية وقاسية .
وجود معوقين ذهنيا فى الحياة ..إما غلطة فى الصنعة أو خطأ فى الجينات فالطبيعة غير واعية ولا مرتبة ولا متعمدة ..فأيهما نختار مع العلم ان أى خيار ينفى وجود الآخر ..ولكن المتخلفون عقليا ً لن يسمحوا للقائلين بالإله الخالق المبدع الرحيم الحنون أن يتنطعوا بل سيحصروهم فى دوائر الخجل أو البلادة .
(خلق الله الإنسان فى احسن تقويم وفى احسن صورة ، ولحكمة ما يراها الخالق يسلب الإنسان إحدى تلك النعم أو بعضها القليل أو الكثير .)
* ختان الذكور جاءت كتوصية إلهية للإنسان , لكن قطعة الجلد الصغيرة التى تحيط بالقضيب ستنال من جلال خلق الله وحكمته !! .. فهاهو أنتج منتوج تم طرحه فى السوق ليجد بعدها أن هناك خلل ما فى الصنعة فأسرع بتبليغ عبيده بقص قطعه منه .
الختان بعيدا ً عن هذه السذاجة نتاج رغبات جماعات بشرية فى التمايز من خلال أجسادها كما فى الوشم لكثير من القبائل وكحرص ميثولوجيا إله اليهود على هذا أو قد تكون منحة أوقربان تُعطى للآلهة من أغلى مكان ! .. ولكنها لن تخرج أيضاً عن رغبات و خيالات جنسية متدفقة .
* معظم المملكة الحيوانية تعيش على الإفتراس والتطفل ..فوجودها يقوم على نزع حياة كائنات أخرى أو التطفل عليها .
هل نحن بصدد حكمة إلهية ؟! ...وهل هكذا يصدر الإله لنا الطريقة المثلى فى الحياة ؟!..وهل لا يمتلك منظومة أخرى أكثر رفقا ً ورحمة من هذه المنظومة حتى يعلمنا كيفية الحياة بدون صراع وعنف ؟!..أم أننا أمام الطبيعة التى تحفل بالصراع ولا تقوم إلا على الصراع وغير معنية أن تصدر لنا معنى وقيمة فهكذا هو الوجود .. نحن أيضا نمارس نفس شفرة الصراع الوجودى ولكن بوعى فى معظم الأحيان وبقفازات حريرية فى بعض الأوقات .
* مهما ملئنا الدنيا صلوات ودعوات فلن يحيد الله عن الحق والخير والعدل فهو لن يستجيب لطلباتنا الشريرة إلا إذا كان شريرا ً .. إذن الله غير قادر أن ينحرف عن مُخططاته الطيبة ولنسأل هنا ما معنى الدعاء ؟!.. وهل الشر يتم خارج إرادته ومشيئته ؟! .. ومن أين تأتى المصائب .؟!
* لماذا لا تصلى المرأة أو الرجل عراة فى مخادعهم ..لماذا يعتبر هذا السلوك قبيح ومنفر وغير لائق أليست الأجساد العارية خلقة إلهية وهو خلقنا هكذا .. هل تكون قلة إحترام وتبجيل ولكن الإله فرضا ليس بشر يطلب التبجيل والاحتشام بهكذا طريقة , فالأجساد خليقته ومعاييره فرضا ً غير معايرنا ونظرتنا الإنسانية .
نحن هنا أمام رؤية بشرية أسقطت الذكورة على فكرة الله ..تعاملت مع فوبيا الجسد وإستقبحته .
* كل الأديان تتعامل مع الإنسان بضيق أفق غريب يُثبت بشريتها وأنها نتاج فكر ومشاعر قبلية قديمة لا تعدو سوى هوية جماعة بشرية متشرنقة على ذاتها تبغى التمايز والتعالى .. فأنا أحب البيض مقليا ً بالسمن وأرفضه مسلوقا ً وغيرى يحبه أومليت ولكن الدين يقول : بالرغم أنكم تحبون البيض وتعترفون به وأهميته , فلن يكون مقبولا ً منكم ما لم تأكلوه مسلوقا ً .!!
* الله يعلم كل شئ ما كان وما سيكون وهذه المعرفة تكون فى ذات الله منذ الأزل .
إذن نحن موجودون فى ذات الله غير منفصلين عنه ..أى موجودون معه منذ وجوده فى ذاته..أى أننا لم نأتى من عدم ولم نُخلق !..هل يمكن أن تكون القصة هى إنشطار ؟! ..أم هى قصة المعرفة التى أُغرقت فى الخيال بما يكفى لتتمدد فتعبث وتربك الفكرة .
* الله أزلى أبدى موجود قبل الوجود وسيكون موجود بعد إنتهاء الوجود فوجوده لا نهائى ..إذن الوجود من الإنفجار الكبير وحتى الإنتهاء قياساً لوجوده لن يزيد عن لحظة على أفضل تقدير .. فلك أن تتصور ان تعثرك فى حجر هو ضمن اللحظة وكله مدون ومعلوم .
* المعرفة والعلم وسيلة الإنسان للتطور والإرتقاء ..
الله كلى العلم والمعرفة فلا تنقصه معلومة ولن تزيده معلومة فكل المعلومات عنده .. الله لا يتطور بحكم أنه كامل فكيف تكون شكل المعرفة هنا مع عدم حاجته لمعلومة .. إنها تشبه قرص c.d مصمت ... معرفة بلا إضافة وتطوير .. يسعدنى ان أكون إنسان أتلذذ بالمعرفة عند صراعى مع جهلى أفضل من أن أكون أرشيف معلوماتى .
* ما معنى يحلون فيها بأساور من ذهب ..فطالما المتمتعات بالجنه يُحلون بأساور ذهبية فما قيمة الذهب وما هى المتعة فيه إذا كان الذهب فى يد الجميع فسيصبح بلا معنى ولا قيمة ولا تمايز .. الذهب يأخذ قيمته ومعناه من ندرته وأننا نقتنيه لنتمتع بمتعة التمايز عن الرعاع .
* الله ملك ومالك فهل نراه كذلك أم هو ملك ويمتلك بالفعل ؟! .. لن نستطيع ان نقول بالملكية فى عدم وجود ملاك ينازعونه الملك , فالصحراء ليست ملكا لأحد لعدم وجود بشر عليها ووجود إنسان بمفرده لن يحسسه أنه مالكا ً .. تفقد الأشياء قيمتها ومعناها فى عدم وجود منازع عليها .. لا وجود لشئ بدون وجود الضد حاضرا ً .
* الله عظيم ..هل هو عظيم فى ذاته أم أننا نراه عظيم ؟!..إذا كنا نراه هكذا فنحن من منحناه صفة العظمة , وإذا كان عظيما ً فى ذاته قبل وجودنا فكيف يكون عظيما ً وهو واحد أحد متفرد بذاته فى الوجود فلا يوجد أحد ينافسه فى العظمة ..ولا يوجد أحد ضئيل ليبقى هو عظيم .. لا توجد عظمة أو ضآلة أو كبر أو صغر فى وجود حالة واحدة متفردة .. نحن من نرسم آلهتنا.
عن سامى لبيب بتصرف
مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي